فصل: وحدثني محمد بن المفضل الموصلي عن مشايخ أهل سنجار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان **


 وحدثني محمد بن المفضل الموصلي عن مشايخ أهل سنجار

قالوا‏:‏ كانت سنجار في أيدي الروم‏.‏

ثم أن كسرى المعروف بأبرويز أراد قتل مئة رجل من الفرس كانوا حملوا إليه بسبب خلاف ومعصية‏.‏

فكلم فيهم فأمر أن يوجهوا إلى سنجار وهو يومئذ يعاني فتحها‏.‏

فمات منهم رجلان ووصل إليها ثمانية وتسعون رجلًا فصاروا مع المقاتلة الذين كانوا بازائها ففتحوها دونهم وأقاموا بها وتناسلوا‏.‏

فلما انصرف عياض من خلاط إلى الجزيرة بعث إلى سنجار ففتحها صلحًا وأسكنها قومًا من العرب وقد قال بعض الرواة‏:‏ إن عياضًا فتح حصنًا من الموصل وليس ذلك بثبت‏.‏

قال ابن الكلبي‏:‏ عمير بن سعد عامل عمر هو عمير بن سعد بن شهيد بن عمرو أحد الأوس‏.‏

وقال الواقدي‏:‏ هو عمير بن سعد بن عبيد‏.‏

وقتل أبوه سعد يوم القادسية‏.‏

وسعد هذا هو قال الواقدي‏:‏ وقد روى قوم أن خالد بن الوليد ولى لعمر بعض الجزيرة فأطلى في حمام بأمد أو غيرها بشيء فيه خمر فعزله عمر‏.‏

وليس ذلك بثبت‏.‏

وحدثني عمرو الناقد قال‏:‏ حدثني الحجاج بن أبي منيع عن أبيه عن جده عن ميمون بن مهران قال‏:‏ أخذ الزيت والطعام والخل لمرفق المسلمين بالجزيرة مدة ثم خفف عنهم واقتصر بهم على ثمانية وأربعين درهمًا وأربعة وعشرين واثنا عشر نظرًا من عمر للناس‏.‏

وكان على كل إنسان مع جزيته مدا قمح وقسطان من زيت وقسطان من خل‏.‏

وحدثني عدة من أهل الرقة قالوا‏:‏ لما مات عياض وولى الجزيرة سعيد بن عامر بن حذيم بنى مسجد الرقة ومسجد الرها‏.‏

ثم توفي فبنى المساجد بديار مضر وديار ربيعه عمير بن سعد‏.‏

ثم لما ولى معاوية الشام والجزيرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه أمره أن ينزل العرب بمواضع نائية عن المدن والقرى ويأذن لهم في اعتمال الأرضين التي لاحق فيها لأحد‏.‏

فأنزل بني تميم الرابية وانزل المازحين والمد يبر أخلاطًا من قبس وأسد وغيرهم وفعل ذلك في جميع نواحي ديار مضر ورتب ربيعه في ديارها على ذلك وألزم المدن والقرى والمسالح من يقوم بحفظها ويذيب عنها من أهل العطاء ثم جعلهم مع عماله‏.‏

وحدثني أبو حفص الشامي عن حماد بن عمرو النصيبي قال‏:‏ كتب عامل نصيبين إلى معاوية وهو عامل عثمان على الشام والجزيرة يشكو إليه أن جماعة من المسلمين ممن معه أصيبوا بالعقارب‏.‏

فكتب إليه يأمره أن يوظف على أهل كل حيز من المدينة عدة من العقارب مسماة في كل ليلة‏.‏

ففعل فكانوا يأتونه بها فيأمر بقتلها‏.‏

وحدثني أبو ايوب المؤدب الرقي عن أبي عبد الله القرقساني عن أشياخه أن عمير بن سعد لما فتح رأس العين سلك الخابور وما يليه حتى أتى قرقيسيا وقد نقد أهلها فصالحهم على مثل صلحهم الأول‏.‏

ثم أتى حصون الفرات حصنًا حصنًا ففتحها على ما فتحت عليه قرقيسيا ولم بلق في شيء منها كثير قتال‏.‏

وكان بعض أهلها ربما رموا بالحجارة‏.‏

فلما فرغ من تلبس كذا وعانات أتى الناؤسة وآلوسة وهيت فوجد عمار بن ياسر وهو يومئذ عامل عمر بن الخطاب على الكوفة وقد بعث جيشًا يستغزى ما فوق الأنبار عليه سعد بن عمرو بن حرام الأنصاري وقد أتاه أهل هذه الحصون فطلبوا الأمان‏.‏

فأمنهم واستثنى على أهل هيت نصف كنيستهم‏.‏

فانصرف عمير إلى الرقة‏.‏

وحدثني بعض أهل العلم قال‏:‏ كان الذي توجه إلى هيت والحصون التي بعدها من الكوفة مد لاج بن عمرو السلمي حليف بنى عبد شمس وله صحبه فتولى فتحها‏.‏

وهو بنى الحديثة التي على الفرات‏.‏

وولده بهيت وكان منهم رجل يكنى أبا هارون باقي الذكر هناك‏.‏

ويقال إن مد لاجا كان من قبل سعد ابن عمرو بن حرام‏.‏

والله أعلم‏.‏

قالوا‏:‏ وكان موضع نهر سعيد بن عبد الملك بن مروان - هو الذي يقال له سعيد الخير وكان يظهر نسكًا - غيضة ذات سباع‏.‏

فأقطعه إياها الوليد‏.‏

فحفر النهر وعمر ما هناك‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الذي أقطعه ذلك عمر بن عبد العزيز‏.‏

قالوا‏:‏ ولم يكن للرافقة أثر قديم إنما بناها أمير المؤمنين المنصور رحمه الله سنة خمس وخمسين ومئة على بناء مدينته ببغداد ورتب فيها جندًا من أهل خرا سان‏.‏

وجرت على يدي المهدي وهو ولى عهد‏.‏

ثم إن الرشيد بنى قصورها فكان بين الرقة والرافقة فضاء مزارع‏.‏

فلما قدم على بن سليمان ابن علي واليًا على الجزيرة نقل أسواق الرقة إلى تلك الأرض فكان سوق الرقة الأعظم فيما مضى يعرف بسوق هشام العتيق‏.‏

ثم لما قدم الرشيد الرقة استزاد في تلك الأسواق فلم تزل تجبى مع الصوافى‏.‏

وأما رصافة هشام فإن هشام بن عبد الملك أحدثها وكان ينزل قبلها اليتونة‏.‏

وحفر الهنى والمرى واستخرج الضيعة التي تعرف بالهنى والمرى وأحدث فيها واسط الرقة‏.‏

ثم إن تلك الضيعة قبضت في أول الدولة‏.‏

ثم صارت لام جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور فابتنت ولم يكن للرحبة التي في أسفل قرقيسيا أثر قديم إنما بناها وأحدثها مالك ابن طوق بن عتاب التغلبي في خلافة المأمون‏.‏

وكانت أذرمة من ديار ربيعه قريةً قديمة فأخذها الحسن بن عمرو بن الخطاب التغلبي من صاحبها وبنى بها قصرًا وحصنها‏.‏

وكانت كفرتوثا حصنًا قديمًا فاتخذها ولد أبي رمثة منزلًا فمدنوها وحصنوها‏.‏

حدثني معافى بن طاووس عن أبيه قال‏:‏ سألت المشايخ عن أعشار بلد وديار ربيعا والبدية فقال‏:‏ هي أعشار ما أسلمت عليه العرب أو عمرته من الموات الذي ليس في يد أحد أو رفضه النصارى فمات وغلب عليها الدغل فأقطعه العرب‏.‏

حدثني أبو عفان الرقى عن مشايخ من كتاب الرقة وغيرهم قالوا‏:‏ كانت عين الرومية وماؤها للوليد ابن عقبة بن أبي معيط فأعطاها أبا زبيد الطائي‏.‏

ثم صارت لأبي العباس أمير المؤمنين فأقطعها ميمون بن حمزة مولى على بن عبد الله بن عباس‏.‏

ثم ابتاعها الرشيد من ورثته‏.‏

وهي من أرض الرقة‏.‏

قالوا‏:‏ وكان ابن هبيرة أقطع غابة ابن هبيرة فقبضت وأقطعها بشر بن ميمون صاحب الطاقات وكان هشام أقطع عائشة ابنته قطيعةً برأس كيفا تعرف بها فقبضت‏.‏

وكانت لعبد الملك وهشام قرية تدعى سلعوس ونصف قرية تدعى كفر جدا من الرها‏.‏

وكانت بحران للغمر بن يزيد تل عفراء وأرض تل مذابا كذا وأرض المصلى وصوافى في ربض حران ومستغلاتها‏.‏

وكان مرج عبد الواحد حمى المسلمين قبل أن تبنى الحدث وزبطرة فلما بنيتا استغنى بهما فعمر فضمه الحسين الخادم إلى الأحواز في خلافة الرشيد‏.‏

ثم توثب الناس عليه فغلبوا على مزارعه حتى قدم عبد الله بن طاهر الشام فرده إلى الضياع‏.‏

وقال أبو أيوب الرقى‏:‏ سمعت أن عبد الواحد الذي نسب المرج إليه عبد الواحد بن الحارث بن الحكم بن أبي العاص وهو ابن عم عبد الملك كان المرج له فجعله حمى المسلمين‏.‏

وهو الذي مدحه القطامى فقال‏:‏ أهل المدينة لا يحزنك شأنهم إذا تخطأ عبد الواحد الأجل أمر نصارى بنى تغلب بن وائل حدثنا شيبان بن فروخ قال‏:‏ حدثنا أبو عوانة عن المغيرة عن السفاح الشيباني أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن يأخذ الجزية من نصارى بني تغلب فانطلقوا هاربين ولحقت طائفة منهم ببعدٍ من الأرض‏.‏

فقال النعمان بن زرعة أو زرعة بن النعمان‏:‏ أنشدك الله في بني تغلب‏!‏ فإنهم قوم من العرب يأنفون من الجزية وهم قومٌ شديدة نكايتهم فلا تعن عدوك عليك بهم‏.‏

فأرسل عمر في طلبهم فردهم وأضعف عليهم الصدقة‏.‏

حدثنا شيبان قال‏:‏ حدثنا عبد العزيز بن مسلم قال‏:‏ حدثنا ليث عن رجل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ لا تؤكل ذبائح نصارى بنى تغلب ولا تنكح نساؤهم‏.‏

ليسوا منا ولا من أهل الكتاب‏.‏

حدثنا عباس بن هشام عن أبيه عن عوانة بن الحكم وأبي مخنف قالا‏:‏ كتب عمير بن سعد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعلمه أنه أتى شق الفرات الشامي ففتح عانات وسائر حصون الفرات وأنه أراد من هناك من بنى تغلب على الإسلام فأبوه وهموا باللحاق بأرض الروم‏.‏

وقبلهم أراد من في الشق الشرقي على ذلك فامتنعوا منه وسألوه أن يأذن لهم في الجلاء واستطلع رأيه فيهم‏.‏

فكتب إليه عمر رضي الله عنه يأمره أن يضعف عليهم الصدقة التي تؤخذ من المسلمين في كل سائمة وأرض وإن أتوا ذلك حاربهم حتى تبيدهم أو يسلموا‏.‏

فقبلوا أن يؤخذ منهم ضعف الصدقة وقالوا‏:‏ أما إذ لم تكن جزية كجزية الأعلاج فإنا نرضى ونحفظ ديننا‏.‏

حدثني عمرو الناقد قال‏:‏ حدثني أبو معاوية عن الشيابني عن السفاح عن داود بن كردوس قال‏:‏ صالح عمر بن الخطاب بني تغلب بعدما قطعوا الفرات وأرادوا اللحاق بأرض الروم على أن لا يصبغوا صبيًا ولا يكرهوه على دينهم وعلى أن عليهم الصدقة مضعفة‏.‏

قال‏:‏ وكان داود بن كردوس يقول‏:‏ ليست لهم ذمة لأنهم قد صبغوا في دينهم يعني المعمودية‏.‏

فحدثني الحسين بن الأسود قال‏:‏ حدثنا يحيى بن آدم عن ابن المبارك عن يونس ابن يزيد الأبلى عن الزهري قال‏:‏ ليس في مواشي أهل الكتاب صدقة إلا نصارى بني تغلب أو قال نصارى العرب الذين عامة أموالهم المواشي فإن عليهم ضعف ما على المسلمين‏.‏

حدثنا سعيد بن سليمان سعدويه حدثنا هشيم عن مغيرة عن السفاح بن المثنى عن زرعة بن النعمان أنه كان كلم عمر في نصارى بني تغلب وقال‏:‏ قوم عرب يأنفون من الجزية وإنما هم أصحاب حروث ومواس‏.‏

وكان عمر قد هم أن يأخذ الجزية منهم فتفرقوا في البلاد‏.‏

فصالحهم على أن أضعف عليهم ما يؤخذ من المسلمين من صدقاتهم في الأرض والماشية قال مغيرة‏:‏ فكان علي عليه السلام يقول‏:‏ لئن تفرقت لبنى تغلب ليكونن لي فيهم رأي‏.‏

لأقتلن مقاتلتهم ولأسبين ذريتهم فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نصروا أولادهم‏.‏

وحدثني أبو نصر التمار قال‏:‏ حدثنا شريك بن عبد الله عن إبراهيم ابن مهاجر عن زياد بن حدير الأسدي قال‏:‏ بعثتي عمر إلى نصارى بني تغل آخذ منهم نصف عشر أموالهم ونهاني أن أعشر مسلمًا أو ذميًا يؤدي الخراج‏.‏

حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن أبن أبي سبرة عن عبد الملك بن نوفل عن محمد بن إبراهيم بن الحارث أن عثمان أمر أن لا يقبل من بنى تغلب في الجزية إلا دهيك الذهب والفضة‏.‏

فجاءه الثبت أن عمر أخذ منهم ضعف الصدقة‏.‏

فرجع عن ذلك‏.‏

قال الواقدي‏:‏ وقال سفيان الثوري والأوزاعي ومالك بن أنس وابن أبي ليلى وابن أبي ذئب وأبو حنيفة وأبو يوسف‏:‏ يؤخذ من التغلبي ضعف ما يؤخذ من المسلم في أرضه وماشيته وماله‏.‏

فأما الصبي والمعتوه منهم فإن أهل العراق يرون أن يؤخذ ضعف الصدقة من أرضه ولا يأخذون من ماشيته شيئًا‏.‏

قال أهل الحجاز‏:‏ يؤخذ من أموال بني تغلب سبيل مال الخراج لأنه بدلٌ من الجزية‏.‏

قالوا‏:‏ لما استخلف عثمان بن عفان رضي الله عنه كتب إلى معاوية بولايته الشام‏.‏

وولى عمير بن سعد الأنصاري الجزيرة ثم عزله‏.‏

وجمع لمعاوية الشام والجزيرة وثغورهما وأمره أن يغزو شمشاط وهي أرميني الرابعة أو يغزيها‏.‏

فوجه إليها حبيب بن مسلمة الفهري وصفوان بن معطل السلمي ففتحاها بعد أيام من نزولهما عليها على مثل صلح الرها‏.‏

وأقام صفوان بها وبها توفى في آخر خلافة معاوية‏.‏

ويقال بل غزاها معاوية نفسه وهذان معه‏.‏

فولاها صفوان فأوطنها وتوفي بها‏.‏

قالوا‏:‏ وقد كان قسطنطين أناخ عليها بعد نزوله في ملطية في سنة ثلاث وثلاثين ومئة فلم يمكنه فيها شيء فأغار على ما حولها ثم انصرف‏.‏

ولم تزل شمشاط خرا دية حتى صيرها المتوكل على الله رحمه الله عشرية أسوة غيرها من الثغور‏.‏

وقالوا‏:‏ غزل حبيب بن مسلمة حصن كمخ بعد فتح شمشاط فلم يقدر عليه‏.‏

وغزاه صفوان فلم يمكنه فتحه‏.‏

ثم غزاه في سنة تسع وخمسين وهي السنة التي مات فيها ومعه عمير بن الحباب السلمي‏.‏

فعلا عمير سوره ولم يزل يجالد عليه وحده حتى كشف الروم وصعد المسلمون ففتحه لعمير بن الحباب وبذلك كان يفخر ويفخر له‏.‏

ثم إن الروم غلبوا عليه ففتحه مسلمة بن عبد الملك‏.‏

ولم يزل يفتح وتغلب الروم عليه‏.‏

فلما كانت سنة تسع وأربعين ومئة شخص المنصور عن بغداد حتى نزل حديثة الموصل ثم أغزى منها الحسن بن قحطبة وبعده محمد ابن الأشعث وجعل عليهما العباس بن محمد وأمره أن يغزو بهم كمخ‏.‏

فمات محمد ابن الأشعث بآم وسار العباس والحسن حتى صارا إلى ملطية فحملا منها الميرة ثم أناخا على كمخ وأمر العباس بنصب المنجنيق ورموا المسلمين فقتلوا منهم بالحجارة مائتي رجل فاتخذ المسلمون الدبابات وقاتلوا قتالًا شديدًا حتى فتحوه وكان مع العباس بن محمد بن علي في غزاته هذه مطر الوراق‏.‏

ثم إن الروم أغلقوا كمخ‏.‏

فلما كانت سنة سبع وسبعين ومئة غزا محمد بن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري وهو عامل عبد الملك بن صالح علي شمشاط ففتحه ودخله لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الآخر من هذه السنة‏.‏

ويقال إن عبيد الله بن الأقطع دفعه إليهم وتخلص ابنه وكان أسيرًا عندهم‏.‏

ثم إن عبد الله بن طاهر فتحه في خلافة المأمون فكان في أيدي المسلمين حتى لطف قوم من نصارى شمشاط وقاليقلا وبقراط بن أشوط بطريق خلاط في دفعه إلى الروم والتقرب إليهم بذلك بسبب ضياع لهم في عمل شمشاط‏.‏

ملطية وقالوا‏:‏ وجه عياض بن غنم حبيب بن مسلمة الفهري من شمشاط إلى ملطية ففتحها ثم أغلقت‏.‏

فلما ولى معاوية الشام والجزيرة وجه إليها حبيب بن مسلمة ففتحها عنوةً ورتب فيها رابطةً من المسلمين مع عاملها‏.‏

وقدمها معاوية وهو يريد دخول الروم فشحنها بجماعة من أهل الشام والجزيرة وغيرهما فكانت طريق الصوائف‏.‏

ثم إن أهلها انتقلوا عنها في أيام عبد الله ابن الزبير وخرجت الروم فشعثتها ثم تركتها‏.‏

فنزلها قوم من النصارى من الأرمن والنبط‏.‏

وحدثني محمد بن سعد عن الواقدي في إسناده قال‏:‏ كان المسلمون نزلوا طرندة بعد أن غزاها عبد الله بن عبد الملك سنة ثلاث وثمانين وبنوا بها مساكن‏.‏

وهي من ملطية على ثلاث مراحل واغلة في بلاد الروم‏.‏

ومالطية يومئذ خراب ليس بها إلا ناسٌ من أهل الذمة من الأرمن وغيرهم‏.‏

فكانت تأتيهم طالعة من جند الجزيرة في الصيف فيقيمون بها إلى أن ينزل الشتاء وتسقط الثلوج فإذا كان ذلك قفلوا‏.‏

فلما ولى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه رحل أهل طرندة عنها وهم كارهون وذلك لإشفاقه عليهم من العدو واحتملوا فلم يدعوا لهم شيئًا حتى كسروا خوابي الخل والزيت ثم أنزلهم ملطية وأخرب طرندة وولى على ملطية جعونة بن الحارث أحد بني عامر ابن صعصعة‏.‏

قالوا‏:‏ وخرج عشرون ألفًا من الروم في سنة ثلاث وعشرين ومئة فنزلوا على مالطية‏.‏

فأغلق أهلها أبوابها وظهر النساء على السور عليهم العمائم فقاتلن‏.‏

وخرج رسول لأهل مالطية مستغيثًا‏.‏

فركب البريد وسار حتى لحق بهشام بن عبد الملك وهو بالرصافة‏.‏

فندب هشام الناس إلى ملطية‏.‏

ثم أتاه الخبر بأن الروم قد رحلت عنها فدعا الرسول فأخبره وبعث معه خيلًا ليرابط بها‏.‏

وغزا هشام نفسه ثم نزل ملطية وعسكر عليها حتى بنيت فكان ممره بالرقة دخلها مقتلدًا سيفًا ولم يتقله قبل ذلك في أيامه‏.‏

قال الواقدي‏:‏ لما كانت سنة ثلاث وثلاثين ومئة أقبل قسطنطين الطاغية عامدًا لمالطية وكمخ يومئذ في أيدي المسلمين وعليها رجل من بني سليم‏.‏

فبعث أهل كمخ الصريخ إلى أهل مالطية‏.‏

فخرج إلى الروم منهم ثماني مئة فارس فواقعهم خيل الروم فهزمتهم‏.‏

ومال الرومي فأناخ على مالطية فحصر من فيها والجزيرة يومئذ مفتونة وعاملها موسى بن كعب بحران‏.‏

فوجهوا رسولًا لهم إليه فلم يمكنه إغاثتهم‏.‏

وبلغ ذلك قسطنطين فقال لهم‏:‏ يا أهل ملطية‏!‏ إني لم آتكم إلا على علم بأمركم وتشاغل سلطانكم‏.‏

انزلوا على الأمان واخلوا المدينة وأخربها وأمضى عنكم‏.‏

فأبوا عليه فوضع عليها المجانيق‏.‏

فلما جهدهم البلاء واشتد عليهم الحصار سألوه أن يوثق لهم ففعل‏.‏

ثم استعدوا للرحلة وحملوا ما استدق لهم وألقوا كثيرًا مما ثقل عليهم في الآبار والمخابي ثم خرجوا‏.‏

وأقام لهم الروم صفين من باب المدينة إلى منقطع أخرهم مخترطى السيوف طرف سيف كل واحد منهم مع طرف سيف الذي يقابله حتى كأنها عقد قنطرة ثم شيعوهم حتى بلغوا مأمنهم وتوجهوا نحو الجزيرة فتفرقوا فيها‏.‏

وهدم الروم مالطية فلم يبقوا منها إلا هريًا فإنهم شعثوا منه شيئًا يسيرًا وهدموا حصن قلوذية‏.‏

فما كانت سنة تسع وثلاثين ومئة كتب المنصور إلى صالح بن علي يأمره ببناء ملطية وتحصينها‏.‏

ثم رأى أن يوجه عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام واليًا على الجزيرة وثغورها فتوجه في سنة أربعين ومئة الحسن قحطبة في جنود أهل خراسان‏.‏

فقطع البعوث على أهل الشام والجزيرة فتوافى معه سبعون ألفًا‏.‏

فعسكر على ملطية وقد جمع الفعلة من كل بلد فأخذ في بنائها‏.‏

وكان الحسن بن قحطبة ربما حمل الحجر حتى يناوله البناء‏.‏

وجعل يغدي الناس ويعشيهم من ماله مبرزًا مطابخه‏.‏

فغاظ ذلك عبد الوهاب فكتب إلى أبي جعفر يعلمه أنه يطعم الناس وأن الحسن يطعم أشعاف ذلك التماسًا لأن يطوله ويفسدها يصنع ويهجنه يالاسراف والرياء وأن له منادين ينادون الناس إلى طعامه‏.‏

فكتب إليه أبو جعفر‏:‏ يا صبي‏!‏ يطعم الحسن من ماله وتطعم من مالي‏.‏

ما أتيت إلا من صغر خطرك وقلة همتك وسفه رأيك‏.‏

وكتب إلى الحسن‏:‏ أطعم ولا تتخذ مناديًا‏.‏

فكان الحسن يقول‏:‏ من سبق إلى شرفة فله كذا‏.‏

فجد الناس في العمل حتى فرغوا من بناء ملطية ومسجدها في ستة أشهر وبنى للجند الذين أسكنوها لكل عرافة بيتان سفليان وعليتان فوقهما وإسطبل والعرافة عشرة نفر إلى خمسة عشر رجلًا‏.‏

وبنى لها مسلحة على ثلاثين ميلًا منها ومسلحة على نهر يدعى قباقب يدفع في الفرات‏.‏

وأسكن المنصور ملطية أربعة آلاف مقاتل من أهل الجزيرة لأنها من ثغورهم على زيادة عشرة دنانير في عطاء كل رجل معونة مئة دينار سوى الجعل الذي يتجاعله القبائل بينها‏.‏

ووضع فيها شحنتها من السلاح وأقطع الجند المزارع وبنى حصن قلوذية‏.‏

وأقبل قسطنطين الطاغية في أكثر من مئة ألف فنزل جيجان فبلغه كثرة العربي فأحجم عنها‏.‏

وسمعت من يذكر أنه كان مع عبد الوهاب في هذه الغزاة نصرين مالك الخزاعى ونصر بن سعد الكاتب مولى الأنصار‏.‏

فقال الشاعر‏:‏ تكتنفك النصران نصر بن مالكٍ ونصر بن سعدٍ عز نصرك من نصر وفي سنة إحدى وأربعين ومئة أغزى محمد بن إبراهيم مالطية في جند من أهل خرا سان وعلى شرطته المسيب بن زهير‏.‏

وكانت الروم عرضت لمالطية في خلافة الرشيد فلم تقدر عليها وغزاهم الرشيد رحمه الله فأشجاهم وقمعهم‏.‏

وقالوا‏:‏ وجه أبو عبيده بن الجراح وهو بمنبج خالد بن الوليد إلى ناحية مرعش ففتح حصنها على أن جلا أهله ثم أخربه‏.‏

وكان سفيان بن عوف الغامدى لما غزا الروم في سنة ثلاثين رحلل من قبل مرعش فساح في بلاد الروم‏.‏

وكان معاوية بنى مدينة مرعش وأسكنها جندًا فلما كان موت يزيد بن معاوية كثرت غارات الروم عليهم فانتقلوا عنها‏.‏

وصالح عبد الملك الروم بعد موت أبيه مروان بن الحكم وطلبه الخلافة على شيء كان يؤديه إليهم‏.‏

فلما كانت سنة أربع وسبعين غزا محمد بن مروان الروم وانتقض الصلح‏.‏

ولما كانت سنة خمس وسبعين غزا الصائفة أيضًا محمد بن مروان‏.‏

وخرجت الروم في جمادى الأولى من قبل مرعش إلى الأعماق‏.‏

فزحف إليهم المسلمون وعليهم أبان بن الوليد بن عقبة بن أبي معبيط ومعه دينار بن دينار مولى عبد الملك بن مروان وكان على قتسرين وكورها‏.‏

فالتقوا بعمق مرعش فاقتلوا قتالًا شديدًا فهزمت الروم واتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون‏.‏

وكان دينار لقي في هذا العام جماعة من الروم بجسر يغرا وهو من شمشاط على نحوٍ من عشرة أميال فظفر بهم‏.‏

ثم إن العباس بن الوليد بن عبد الملك صار إلى مرعش فعمرها وحصنها ونقل الناس إليها وبنى لها مسجدًا جامعًا‏.‏

وكان يقطع في كل عام على أهل قنسرين بعثًا إليها‏.‏

فلما كانت أيام مروان بن محمد وشغل بمحاربة أهل حمص خرجت الروم وحصرت مدينة مرعش حتى صالحهم أهلها على الجلاء فخرجوا نحو الجزيرة وجند قنسرين بعيالاتهم ثم أخربوها‏.‏

وكان عامل مروان عليها يومئذ الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي‏.‏

وكان الطاغية يومئذ قسطنطين بن اليون‏.‏

ثم لما فرغ مروان من أمر حمص وهدم سورها بعث جيشًا لبناء مرعش فبنيت ومدنت‏.‏

فخرجت الروم في فتنته فأخربتها فبناها صالح بن علي في خلافة أبي جعفر المنصور وحصنها وندب الناس إليها على زيادة العطاء‏.‏

واستخلف المهدي فزاد في شحنها وقى أهلها‏.‏

حدثني محمد بن سعد عن الواقدي قال‏:‏ خرج ميخائيل من درب الحث في ثمانين ألفًا فأتى عمق مرعش فقتل وأحرق وسبى من المسلمين خلقًا وصار إلى باب مدينة مرعش وبها عيسى بن علي وكان قد غزا في تلك السنة فخرج إليه موالي عيسى وأهل المدينة ومقاتلتهم فرشقوه بالنبل والسهام فاستطرد لهم حتى إذا نحاهم عن المدينة كر عليهم فقتل من موالي عيسى ثمانية نفر واعتصم الباقون بالمدينة فأغلقوها فحاصرهم بها‏.‏

ثم انصرف حتى نزل جيحان‏.‏

وبلغ الخبر ثمامة بن الوليد العبسي وهو بدابق وكان قد ولى الصائفة سنة إحدى وستين ومئة فوجه إليه خيلًا كثيفة فأصيبوا إلا من نجا منهم فأحفظ ذلك المهدي واحتفل لإغراء الحسن بن قحطبة في العام المقبل وهو سنة اثنتين وستين ومئة‏.‏

قالوا‏:‏ وكان حصن الحدث مما فتح أيام عمر فتحه حبيب بن مسلمة من قبل عياض بن غنم وكان معاوية يتعهده بعد ذلك وكان بنو أمية يسمون درب الحدث السلامة للطيرة لأن المسلمين كانوا أصيبوا به فكان ذلك الحدث فيما يقول بعض الناس‏.‏

وقال قوم‏:‏ لقي المسلمين غلامٌ حدث على الدرب فقاتلهم في أصحابه فقيل درب الحدث‏.‏

ولما كان زمن فتنة مروان بن محمد خرجت الروم فهدمت مدينة الحدث وأجلت عنها أهلها كما فعلت بملطية‏.‏

ثم لما كانت سنة إحدى وستين ومئة خرج ميخائيل إلى عمق مرعش ووجه المهدي الحسن بن قحطبة ساح في بلاد الروم فثقلت وطلأته على أهلها حتى صوروه في كنائسهم‏.‏

وكان دخوله من درب الحدث فنظر إلى موضع مدينتها فأخبر أن ميخائيل خرج منه فارتاد الحسن موضع مدينته هناك فلما انصرف كلم المهدي في بنائها وبناء طر سوس فأمر بتقديم بناء مدينة الحدث‏.‏

وكان في غزاة الحسن هذه مندل العنزي المحدث الكوفي ومعتمر بن سليمان البصري فأنشأها علي بن سليمان بن علي وهو على الجزيرة وقنسرين وسميت المحمدية وتوفي المهدي مع فراغهم من بنائها فهي المهدية والمحمدية‏.‏

وكان بناؤها باللبن وكانت وفاته سنة تسع وستين ومئة‏.‏

واستخلف موسى الهادي ابنه فعزل على بن سليمان وولى الجزيرة وقنسرين محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي‏.‏

وقد كان علي بن سليمان فرغ من بناء مدينة الحدث وفرض محمدٌ لها فرضًا من أهل الشام والجزيرة وخرا سان في أربعين دينارًا من العطاء وأقطعهم المساكن وأعطى كل امرئ ثلاث مئة درهم‏.‏

وكان الفراغ منها في سنة تسع وستين ومئة‏.‏

وقال أبو الخطاب‏:‏ فرض علي بن سليمان بمدينة الحدث لأربعة آلاف فأسكنهم إياها ونقل إليها من ملطية وشمشاط وكيسوم ودلوك ورعبان ألفي رجل‏.‏

قال الواقدي‏:‏ ولما بنيت مدينة الحدث هجم الشتاء والثلوج وكثرت الأمطار ولم يكن بناؤها بمستوثق منه ولا محتاطٍ فيه فتثلمت المدينة وتشعثت ونزل بها الروم فتفرق عنها من كان فيها من جندها وغيرهم‏.‏

وبلغ الخبر موسى فقطع بعثًا مع المسيب بن زهير وبعثًا مع روح بن حاتم وبعثًا مع حمزةبن مالك فمات قبل أن ينفذا‏.‏

ثم ولى الرشيد الخلافة فأمر ببنائها وتحصينها وشحنتها وإقطاع مقاتلتها المساكن والقطائع‏.‏

وقال غير الواقدي‏:‏ أناخ بطريقٌ من عظماء بطارقة الروم في جمع كثيف على مدينة الحدث حين بنيت وكان بناؤها بلبن قد حمل بعضه على بعض وأضرت به الثلوج‏.‏

وهرب عاملها ومن فيها ودخلها العدو فحرق مسجدها وأخربها واحتمل أمتعة أهلها فبناها الرشيد حين استخلف‏.‏

وحدثني بعض أهل منبج قال‏:‏ إن الرشيد كتب إلى محمد بن إبراهيم بإقراره على عمله فجرى أمر مدينة الحدث وعمارتها من قبل الرشيد على يده ثم عزله‏.‏

قالوا‏:‏ وكان مالك بن عبد الخثعمي الذي يقال مالك الصوائف وهو من أهل فلسطين غزا بلاد الروم سنة ست وأربعين وغنم غنائم كثيرة ثم قفل‏.‏

فلما كان من درب الحدث على خمسة عشر ميلًا بموضع يدعى الرهوة أقام فيها ثلاثًا‏.‏

فباع الغنائم وقسم سهام الغنيمة فسميت تلك الرهوة رهوة مالك‏.‏

قالوا‏:‏ وكان مرج عبد الواحد حمى لخيل المسلمين‏.‏

فلما بنى الحدث وزبطرة استغنى عنه فاز درع‏.‏

قالوا‏:‏ وكانت زبطرة حصنًا قديمًا روميًا ففتح مع حصن الحدث القديم فتحه حبيب بن مسلة القهري وكان قائمًا إلى أن اخربته الروم في أيام الوليد بن يزيد فبني بناء غير محكم‏.‏

فأناخت الروم عليه في أيام فتنة نوح بن محمد فهدمته فبناه المنصور‏.‏

ثم خرجت إليه فشعثته فبناه الرشيد على يدي محمد بن إبراهيم وشحنه‏.‏

فلما كانت خلافة المأمون طرقه الروم فشعثوه وأغاروا على سرح أهله فاستاقوا لهم مواشي فأمر المأمون بمرمته وتحصينه‏.‏

وقدم وفد طاغية الروم في سنة عشرة ومائتين يسأل الصلح فلم يجبه إليه وكتب إلى عمال الثغور فساحوا في بلاد الروم فأكثروا فيها القتل ودوخوها وظفروا ظفرًا حسنًا إلا أن يقظان بن عبد الأعلى بن أحمد بن يزيد بن أسيد السلمي أصيب‏.‏

ثم خرجت الروم إلى زبطرة في خلافة المعتصم بالله أبي إسحاق بن الرشيد فقتلوا الرجال وسبوا النساء وأخربوها فأحفظه ذلك وأغضبه فغزاهم حتى بلغ عمورية وقد أخرب قبلها حصونًا فأناخ عليها حتى فتحها فقتل المقاتلة وسبى النساء والذرية ثم أخربها وأمر ببناء زبطرة وحصنها وشحنها فرامها الروم بعد ذلك فلم يقدروا عليها‏.‏

وحدثني أبو عمر الباهلي وغيره وقالوا‏:‏ نسب حصن منصور إلى منصور بن جعونة بن الحارث العامري من قيس وذلك أنه تولى بناءه ومرمته وكان مقيمًا به أيام مروان ليرد العدو ومعه جند كثيف من أهل الشام والجزيرة‏.‏

وكان منصور هذا على أهل الرها حين امتنعوا في أول الدولة فحصرهم منصور وهو عامل أبي العباس على الجزيرة وأرمينية فلما فتحها هرب منصور ثم أمن فظهر فلما خلع عبد الله بن علي أبا جعفر المنصور شرطته فلما هرب عبد الله إلى البصرة استخفى فدلى عليه في سنة إحدى وأربعين ومئة فأتى المنصور به فقتله بالرقة منصرفة من بيت المقدس‏.‏

وقوم يقولون إنه أمن بعد هرب ابن علي فظهر ثم وجدت له كتب إلى الروم بغش الإسلام‏.‏

فلما قدم المنصور الرقة من بيت المقدس سنة إحدى وأربعين ومئة وجه من أتاه به فضرب عنق بالرقة ثم انصرف إلى الهاشمية بالكوفة‏.‏

وكان الرشيد بنى حصن منصور وشحنه في خلافة المهدي‏.‏